Posts

Showing posts from December, 2021

الغروب

"يتشكّل كل يوم بلوحة، يلقي بماء قلبه في يوم حنين قاسٍ على صفحة السماء، فترى شفقًا أحمرًا متمازجًا مع زرقة السماء، كأنها رشقة ألوان سقطت في كوب ماء..  ويتلوّن أحيانًا بلون برتقاليّ، خفف من حدة اصفرار الشمس بعد يوم طويل متعب، فيهدئ من روعك ويبعث الطمأنينة فيك أن كل شيء مهما شدّت حدّته سيخف، تمامًا كلهيب الشمس.  وتارةً يتمثّل على شكل زهرة في أوج تفتحها بتلاتها تمتد على وسع السماء، وساقها يصل لنقطة المغيب، تمنحك سرورًا وتملأ قلبك بالبهجة مهما عبست الأرض في وجهك.  لوحة بديعة يرسمها الخالق ويعكس فيها جمال خلقه، ليس لها وطن ولا مكان تكون فيه أجمل من آخر، فلا تستطيع بحضرتها إلا التسبيح والتعظيم والتوحيد للخالق المصوّر، فسبحانه عما يصفون والحمدلله رب العالمين."

الحب

 "انتظرتك طويلًا وتخيلتك كثيرًا، ظنت فيك الظنون، وحلمت بك الأحلام، أرادت فارسًا لأحلامها، ودفئًا لبرد روحها.  فكنت أكثر من هذا كله، كانت طموحاتها بسيطة بالنسبة لما أنت عليه، فكنت قلبًا احتواها وقبلها بعيوبها قبل حسناتها، وحصنًا منيعًا لضعفها، وجسرًا مرّت به لعالم كأنه العالم الموازي الذي يكثر الحديث عن مثاليته، هل أعماها الحب؟ ربما  ولكنها الآن في سكرة الحب، وكأنه النعيم.  "

شجر البلوط

 لم يكن لهذه القطعة الجغرافية البسيطة، نصيب وافر من مناظر الطبيعة الخلابة، بعد تفكيك العدو لأراضينا وتحويلها لدويلات وزرع بذور الفتنة بيننا، وسرقته لأجمل ما في هذه الأراضي، ولو أنها -هذه البقعة الجغرافية البسيطة- منسوبة لبلاد الشام ولكن ليس فيها ما هو شامِيّ فلا إرث ولا حضارة ولا حتى جمال أخضر طبيعي فقد جففوا النهر وباعوا الأرض وتركوا لنا الحسرة.  إلا أننا شعب يحب الجمال ويتلمسه وكان فضل الله علينا عظيما حين منّ علينا بغابات البلوط، التي تمتد على مساحات واسعة تجعل من شمال البلاد لوحة بديعة ربيعًا وخريفًا وشتاءً. شجرة البلوط ذات الشكل الدائري المهندَس، متشابكة الأغصان لكثرتها وخضرتها الدائمة، وسرعة نموها، تعطيك مساحة من جمال تغذي به روحك، وتنقذك من سهام المدينة التي تكاد تصيبك بمقتل.  شفق أحمر وقمة مرتفعة في سلسلة هضاب خضراء، ونسمة عليلة لطيفة الهبوب تنعش ما تيبس فيك وترقق قلبك الذي قسته ظروف الحياة فكأنها تعيد ضبط مصنعك ويرجع قلبك بعدها نقي من غير سوء آية أخرى، فالحمدلله الذي خلق الجمال مؤنسًا والطبيعة ضابطة للفطرة مقومة لها.

نص ممل

"الملل يودي بالإنسان لعالم آخر كما تأخذه السعادة لعوالمها، وعالم الملل رمادي، حريق أكل كل شيء وانتهى، رمادي لا أبيض ولا أسود يضفيان حزمًا ولا ألوان تضفي بهجةً، رمادي يقف على الحياد لا تعرف له أصل ولا وجهة ولا رأي، محبط باهت شاحب، يصيب الروح بالرداءة والهوان، ولا سبيل للانعتاق إلا الجنون."

تساؤلات

 "تساؤلات  هل تستطيع تعريف النفاق؟ هل له أكثر من معنًى أصلًا؟  لم اختلف عليّ معناه الآن؟  أليس النفاق إخفاء ما تكمنه السريرة؟ واظهار عكس ذلك؟  إذًا هل يعد مَن أخفى كرهه لشخص لا يُجدر به كرهه، منافقًا؟  كرفيق أو قريب أو زميل، إذا أبديت بُغضك لن يكون الوضع سليمًا بينكما، وتصير حالة من التوتر تستطيع تجاوزها لو دفنت مشاعرك السلبية هذه، خاصةً وإن كانت بلا سبب جوهري أو منطقي حتى!  وماذا عمّن يحاول الخشوع بصلاته، فيخشع مرة وتأخذه الأفكار بعيدًا عن الصلاة مرات ومرات؟  ومن يحاول الالتزام بكل ما أستطاع ولكن هناك الكثير من ظواهر الأمور لم يتربّى عليها ويجاهد كل جهاده لتعديلها ولكن مجتمعه ومحيطه يفرض عليه عكس ما يريد!  وكيف لنا ألّا نحكم أيضًا؟ بالنفاق من عدمه أو غيرها من الأحكام والإنسان كل ما فيه يعبر عنه، طريقة كلامه واختياره لملابسه، وتعابير وجهه وقوة صوته ثم حديثه وأفكاره، فكيف نحمي الآخرين من أحكامنا الظالمة في أغلب الأحيان؟"

أنا والوقت

"مع إعلان نهاية اليوم بأذان المغرب، في أول يوم من أيام التوقيت الشتوي، وغياب الشمس لبلاد أخرى، أعلن أن سيف الوقت قطعني إربًا فلم يبقى فيّ إرب متصل بآخر!     بدأت يومي بحماسة ووضعت جدولًا زمنيًا لإتمام ما علي فعله وكان دقيقًا جدًا إذ كان محددًا بالدقيقة ومع فسحات بسيطة أعطيتها لنفسي لتضيع هنا وهناك لتتسرب المرونة للجدول ويكون ماءًا جاريًا لا طينًا ووحلًا.     ولكن محاولاتي هذه باءت بالفشل الذريع، فقد انقضى اليوم وأنا في أول بند من بنود الجدول والذي وُضع له 20 دقيقة فقط أخذ ساعة!     ولمّا وجدتني غير قادرة على ضبط زمام الأمور، أرخيتها أكثر وأعطيتني نزهة قصيرة في الحي، هذا الحي الغريب الذي أسكنه منذ أقل من شهرين، حيٌ لا مثيل له في كل عمّان العاصمة الميتة، التي تحشوها علب الأسمنت الكبيرة المسماة بالبنايات، ولا تميز صيفها من ربيعها لشح الخضرة والأشجار فيها.     حي اسكان أبونصير، بُني من قبل صينيين، بتصميم غريب عن أحياء عمّان، فتبنى فيه البيوت وفق التضاريس الطبيعية للمنطقة، فيكون البيت من الداخل متعرجًا بين هبوط وصعود، أي لا يحتاجون ...

سوار

"في فترات حبوها كانت تجعلني أجزم أن فيها من جينات القطط، وأقول لأختي "يبدو أنك كنت تشاهدين فيديوهات للقطط عند حملك بها، أو أن هناك قط عضها في أيامها الأولى في هذه الحياة ونحن لا ندري".  سوار التي كانت حياتها أعجوبة، فقد تعرضت لأكثر من مرة لحوادث سلمها الله منها بلطفه، اندفاعية وعاطفية ذات ضحكة فاتنة بالشكل والصوت، وشخصية جذابة وقوية، حادة الذكاء ولكن تقودها مشاعرها.  هي ابنة أختي، ولكنني استهلكت طاقة أمومتي معها وأختها، فهما أول الأحفاد وأنا الخالة الصغيرة التي ليس لديها ما تفعله سوى دراستها التي تتفلت منها باستمرار.  كانت شخصية حيية مع صغر سنها ولكنها لا ترضى بلبس القصير، ولا تحب سماع الأغاني، أول من تحفظ ما عليها من واجب الحفظ من القرآن الكريم، أقصر من في صفها وأقصر من أختها الأصغر منها، وهذا لا يعقدها طبعًا فهي تقولها بنشوة عالية "طلعت أأصر وحدة بالصف".  كبرت سوار، وقررت ارتداء الحجاب، ربما لترتاح من حفلة تسريح شعرها المجعد كل صباح قبل المدرسة، وربما لتكبّر سنها، ولكنها حتمًا هداية الله ورعايته أن يسّر لها ارتداء الحجاب قبل أوانه، فهي ما زالت في الصف السادس،...

لسنا سواسية

  "نحن لسنا سواسية، ولن نكون! مهما تعالت أصوات الحركات النسوية، ومهما وصلت أعداد المنتمين لها، ومهما بلغت الحجج من الإقناع والبرهان، لا يمكن أن يكون الرجل مساويًا للمرأة ولا العكس، فالعقول تفكر بطريقة مختلفة، والقلوب تشعر بطرق مختلفة، والشعور الواحد لا يكون نفسه في حالات عدة، قد يختلف بالدرجة أو المُسبب أو غيره، والتصرفات قطعًا مختلفة ولو تشابهت ظاهريًا. لا أعرف لماذا يتناحرون على الإخلال بالتكامل البديع الذي فطرنا الله عليه، ولماذا لا يرون الصورة كاملة عند تركيب الأدوار على بعضها، ولو كان الهدف الدفاع عن حقوق المرأة المنتهكة في شرقنا المتهالك، فلم وصل النزاع لطرح معادلة التساوي غير المنطقية. عزيزتي الفتاة، تستطيعين أخذ حقوقك دون وضع الرجل كوحدة قياس، وتستطيعين تحقيق أحلامك دون اعتبار الرجل ندًا لك، فنجاحك لكِ أنت وليس لإثبات أفضليتك على الرجال، اهدئي واختاري معاركك -كما يقولون- بعناية، ولا تهدري نفسك في ترهات لا طائل منها. "